responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : في ظلال القرآن المؤلف : سيد قطب    الجزء : 1  صفحة : 54
لأمر عظيم. خلقه ليكون مستخلفاً في الأرض، مالكاً لما فيها، فاعلاً مؤثراً فيها. إنه الكائن الأعلى في هذا الملك العريض والسيد الأول في هذا الميراث الواسع. ودوره في الأرض إذن وفي أحداثها وتطوراتها هو الدور الأول إنه سيد الأرض وسيد الآلة! إنه ليس عبداً للآلة كما هو في العالم المادي اليوم. وليس تابعاً للتطورات التي تحدثها الآلة في علاقات البشر وأوضاعهم كما يدعي أنصار المادية المطموسون، الذين يحقرون دور الإنسان ووضعه، فيجعلونه تابعاً للآلة الصماء وهو السيد الكريم! وكل قيمة من القيم المادية لا يجوز أن تطغى على قيمة الإنسان، ولا أن تستذله أو تخضعه أو تستعلي عليه وكل هدف ينطوي على تصغير قيمة الإنسان، مهما يحقق من مزايا مادية، هو هدف مخالف لغاية الوجود الإنساني. فكرامة الإنسان أولاً، واستعلاء الإنسان أولاً، ثم تجيء القيم المادية تابعة مسخرة.
والنعمة التي يمتن الله بها على الناس هنا- وهو يستنكر كفرهم به- ليست مجرد الإنعام عليهم بما في الأرض جميعاً، ولكنها- إلى ذلك- سيادتهم على ما في الأرض جميعاً، ومنحهم قيمة أعلى من قيم الماديات التي تحويها الأرض جميعاً. هي نعمة الاستخلاف والتكريم فوق نعمة الملك والانتفاع العظيم.
«ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ» ..
ولا مجال للخوض في معنى الاستواء إلا بأنه رمز السيطرة، والقصد بإرادة الخلق والتكوين. كذلك لا مجال للخوض في معنى السماوات السبع المقصودة هنا وتحديد أشكالها وأبعادها. اكتفاء بالقصد الكلي من هذا النص، وهو التسوية للكون أرضه وسمائه في معرض استنكار كفر الناس بالخالق المهيمن المسيطر على الكون، الذي سخر لهم الأرض بما فيها، ونسق السماوات بما يجعل الحياة على الأرض ممكنة مريحة.
«وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» ..
بما أنه الخالق لكل شيء، المدبر لكل شيء، وشمول العلم في هذا المقام كشمول التدبير. حافز من حوافز الإيمان بالخالق الواحد، والتوجه بالعبادة للمدبر الواحد، وإفراد الرازق المنعم بالعبادة اعترافاً بالجميل.
وهكذا تنتهي الجولة الأولى في السورة.. وكلها تركيز على الإيمان، والدعوة إلى اختيار موكب المؤمنين المتقين..

[سورة البقرة (2) : الآيات 30 الى 39]
وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ (30) وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (31) قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلاَّ ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قالَ يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (33) وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ (34)
وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ (35) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ (36) فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37) قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (38) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (39)

اسم الکتاب : في ظلال القرآن المؤلف : سيد قطب    الجزء : 1  صفحة : 54
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست